1
في ملخص الكتاب “لا بأس إن لم تكن على ما يرام”، ستكتشف بمساعدة موقع “رواد”:
• ما الفرق بين المعاناة التي لا يمكن تفاديها والمعاناة غير الضرورية؟
• ما الذي يجب فعله للتخلص من التوتر الناتج عن الحزن؟
• كيف يمكنك أن تحظى بحياة ذات معنى بالرغم من الحزن؟
الحزن عبارة عن استجابة الجسم الطبيعية لفقدان شيء مهم للغاية.
إذا كان قد سبق لك أن مررت بتجربة خسارة دائمة مثل موت شخص عزيز عليك، فأنت تعلم حتما أن النصائح التي تقدم لك أمورا مماثلة لها ليست بالأمور الناجحة والمؤثرة. لا يهم ما إذا كانت النية من وراء هذه النصائح حسنة أم سيئة، المهم هو أن هذه النصائح لا تهم ولا تؤثر وعادة ما يتم تجاهلها.
إذا كنت تريد أن تعرف كيفية التعامل مع الحزن وكيفية دعم شخص حزين، فيجب عليك أولا التحقق ومعرفة السبب الذي يجعل المجتمع الذي تعيش فيه يحب تقليص الحزن الكبير إلى أربع كلمات لا قيمة لها.
السبب الأول هو أن معظم الناس يعتقدون أن كل شيء لا جرم أنه يحدث لسبب. لكن هذا التفكير غير صحيح، إذ من الممكن لشخص يتمتع بصحة جيدة أن يكون على قيد الحياة هذا الصباح ويموت عند الظهر فجأة. من جهة أخرى دائما ما سمعنا أن الموت يلقننا الدروس كي حتى نتمكن من أن ننمو نموا معنويا. الآن اذهب وأخبر أُمّاً حزينة فقدت طفلها للتو أن موت الطفل عبارة عن حدث يجب تعلم الدروس منه وأن هذه خطوة في طريق النمو والإصلاح المعنويين. هذه الجملة من أكثر الأشياء المزعجة التي يمكن أن تقولها لشخص فاقد حزين، وصدقا وبصراحة، إذا قلت لي مثل هذا الشيء، فإن الله وحده يعلم نوع ردة الفعل التي ستصدر مني.
الموت أمر لا مفر منه وفي النهاية يحدث للجميع، ولكي تكون إنسانا أصلح وأفضل، لا يحتاج الأمر إلى أن يموت أحد كي تتعلم الدروس من موته.
اما السبب الثاني فهو أنه عندما يسمع الناس أن شخصا ما قد مات، يبدو الأمر وكأنهم مجبرون على القول: نعم، ونحن أيضا قد فقدنا شخصا ما. يعني هذا أنهم يفعلون كل شيء ليقولوا نعم، نحن أيضا بائسون أو حتى أننا أتعس منك. ربما قد سبق أن حدث لك أنك أخبرت أحدابأنك قد فقدت شخصا عزيزا مؤخرا، ثم رد عليك سريعا بالقول: “نعم”، بالمناسبة، أنا أيضا قد فقدت شخصا منذ فترة. صحيح أنك تعلم أن هذا الشخص يحاول التعاطف معك، لكن هذا النوع من التعاطف يشبه البنزين على النار بالنسبة لك ولا يصيبك أي خبر منه.
السؤال الذي قد يخطر ببالك الآن هو كيف من شأن حتى النوايا الطيبة أن تتسبب لك بالأذى؟ ترى ما الذي قاله ذلك الشخص حتى تسبب في أذاك؟
الجواب هو أنه لا يوجد أبدا موتان مماثلان. صحيح أن الموت للجميع، لكن مستوى المعاناة والحزن الذي يسببه الموت وكذلك أيضا التغيرات التي تطرأ على الشخص الفاقد وظيفته أو عزيزه بعد موته ليست هي نفسها في الحالتين.
السبب الثالث هو أن التعريف الثقافي والعلمي للحزن يتعارض مع واقع الحزن الذي يعيشه ويجربه الناس. من اجل فهم هذا الموضوع بشكل أفضل، دعونا ندرس نموذج “كوبلر روس”. يقول هذا النموذج المكون من خمس مراحل والذي اقترحه “ديفيد كيسلر” و”إليزابيث كوبلر روس” أن الناس تجاه موت أعزائهم يظهرون من أنفسهم خمس حالات هن الإنكار والغضب والمساومة والاكتئاب والتقبل بالتتابع وفق هذا الترتيب الخطي.
صحيح أن هذا النموذج يستطيع كشف الكثير من الحقائق عن المشاعر التي نمر بها بعد معاناة شديدة، لكن ردود فعل جميع الناس حيال فقدان شخص ما، لا يمكن أن يوضع بالضبط في هذا المخطط المكون من خمس مراحل، إذ من الممكن لك بعد فقدانك شخصا ما، أن تدخل على الفور في حالة الاكتئاب، أو أن تحاول تقبل هذا الموضوع طوال ما تبقى من حياتك. كلتاهما جيدان ولا بأس فيهما. لا تقلق أبدا.
يمكنك تقبل الحزن عندما تكون قد أدركت طبيعته الحقيقية. عليك أن تتقبل الحزن كما هو، بمعنى أن الحزن تجربة يمكن أن ترافقك في حياتك ويجب عليك أن لا تحاول التغلب على الحزن بمفردك.
2
في القسم التالي، أريد أن أعلّمك كيفية التعامل مع الحزن باحترام.
كي تكون قادرا على أن تحزن وتغتم بحرية، عليك أن تقوم بإدارة الألم والمعاناة بطريقتك الخاصة.
الحزن يضيّع الكثير من الوقت، وقت ذو قيمة ولا يمكنك استعادته أبدا، يمكن للحزن أن يغير كل شيء، بل ويغيرك أنت بنفسك.
في المراحل الأولى عليك أن تعترف بوجود الحزن ولا تسمح لنفسك أو لأي شخص آخر بمحاولة حل مشكلة الحزن، لأن قبول طبيعة الحزن ووجوده هو من أهم الخطوات الأساسية في حل الحزن. إذا لم تول الانتباه لحزنك وتطلب من الآخرين أن يحلوه لك، فأنت ستكون من سيخسر، وهذا سيجعلك تحل حزنك بطريقة مخربة في المستقبل.
ألا تحب التحدث مع الآخرين عندما تكون في مراسيم تشييع الجنازة؟ إذا كنت حقا لا تريد التحدث لأي شخص، ليس هناك من يجبرك على التحدث. يمكنك القيام بذلك لاحقا وأن تقول للآخرين أنك لست على ما يرام. بعد هذا، يمكنك أن تخلو بنفسك. أصدقاؤك أقاموا مراسيم تأبين ويريدون مشاركت حزنك لكنك ضجر نافد الصبر لمشاركتهم؟ لا حرج في أن تقول لهم أنك لا تستطيع المشاركة. ألا تحب أن تستيقظ في الصباح الباكر أو تخرج من المنزل بعد موت شخص ما؟ لا بأس عليك في البقاء في المنزل وطلب الأشياء التي تحتاجها ليتم توصيلها إلى باب منزلك.
لديك الحق في إبداء ردة الفعل تجاه الموت بالطريقة التي تحلو لك، ولا يحق لأحد أن يرغمك على فعل أي شيء.
الشيء الوحيد الذي عليك القيام به في هذه المرحلة هو أن تدرك الفرق بين الألم والمعاناة. قد قال بوذا أن الألم أمر لا مفر منه، لكن المعاناة اختيارية. ربما تكون قد سمعت هذه المقولة كثيرا وتظنها عبارة متداولة، لكن هناك حقيقة مهمة خفية في هذه الكلمات، وهي أنه يمكنك الانتباه إلى الألم، لكن المعاناة عبارة عن شيء يحتاج إلى التعديل. تعال نتعمق في هذه المشكلة كي تتمكن من تشخيص المعاناة غير الضرورية ومن ثم تتجنبها.
يجب عليك أن تكون قادرا على الشعور بالألم بالشكل الذي يتوجه به نحوك ولا ينبغي أبدا أن تعاني من الضغط الاجتماعي غير المرغوب فيه على الإطلاق، بأن تخلع خاتمك مباشرة بعد وفاة زوجتك، أو أن تخلي غرفة ولدك بعد وفاته، أو تمحو كل ذكريات والديك بعد وفاتهما. يمكنك أن لا تفعل هذه الأشياء أبدا. لا يوجد موعد نهائي لهذا العمل ولا يحق لأحد أن يملي عليك فعلها أو عدم فعلها. القيام بأي شيء لست مستعدا للقيام به لن يؤدي إلا إلى الشعور بالندم غير الضروري لاحقا.
إذا كنت تريد تعذيب نفسك أكثر، فكر فيما قد يعتقده الآخرون عنك. دائما عندما تطرأ حالة وفاة تُظهر هذه الحادثة أسوأ ما في الناس. كثير من الناس لا يعلمون كيف أن عليهم بعد الموت إظهار أفضل السلوكيات من أنفسهم، لأنهم يشعرون بالعجز، وبما أنه لا توجد طريقة صحيحة للحزن، فإن الناس يفعلون كل ما في وسعهم كي يتمكنوا من اتقبل الموضوع. هل سبق أن لاحظت أنه عند وفاة شخص ما، يحضر بعض الناس الذين لم تشاهدهم طوال حياتك كلها لمرتين؟ عادة ما يحب هؤلاء تولي شؤون المراسيم وهناك البعض الآخر ممن يثيرون في خضم هذه الأحداث المناقشة في موضوع الميراث. بعض أصدقائك الذين لم تتصل بهم منذ فترة طويلة، لا يتصلون بك ولا يقدمون لك التعازي. أما الذين يتمتعون بأدب الحديث، فيفاجئونك بأنهم يتفوهون بما لا يليق. يأتيك أناس متشرعون ويقولون لك أن الحزن هو اختبار إلهي وأن الله يريد أن يبلوك باختبار إيمانك حتى يكافئك بالمثوبة فيما بعد في الآخرة.
لا بأس ولا حرج عليك إذا تذمرت أو بكيت من شدة الغضب في هذه المواقف. من حقك أن تكون مستاءً وأنت بنفسك تعلم أيضا أنك لست في وضعك الذي كنت عليه دائما. لا يهم ما يفعله الناس أو لا يفعلونه، لأنه لا شيء يمكن أن يعيد شخصا ميتا. الغضب الذي تشعر به في تلك اللحظات مفهوم جدا. من الأفضل أن تكون بعيدا عن الناس في مثل هذه المواقف لأنْ في هذه اللحظات، من المهم للغاية أقل قدر من راحة البال.
3
تذكر أن ليس من الضروري أن يكون للموت من معنى معين، ولا يهم كم يوما قد مر على حزنك، إن لمن حقك أن تحزن بقدر ما تريد، لأن الحياة لم تعد كما كانت من قبل بل طرأت عليها تغيرات ولن تعود كما كانت مجددا.
الآن أنت تعلم أن بإمكانك الحزن والحداد كما تريد. لقد حان الوقت كي تساعدك عنايتك الذاتية الصادقة بنفسك على اجتياز هذه المراحل العصيبة. في القسم التالي، سأعلمك كيفية تحديد وإدارة الأعراض الجسدية والذهنية للتوتر الناجم عن الحزن. قم بإدارة علائم التوتر الناجم عن الحزن قبل فوات الأوان.
عندما تصبح حزينا، فإنك تواجه توترا شديدا للغاية.
نعلم جميعا أن الحزن عبارة عن تجربة عاطفية شديدة، لكننا نود أن نتجاهل التأثير العميق لهذه الظاهرة على الذهن والجسم البشريين.
هناك بعض الأيام التي لا تستطيع فيها حقا تقبل وفاة أحد أعزائك فيصبح ألم الفقد خارجا عن طاقتك. في بعض الأحيان تتطور هذه الحالة فتبل مبلغا ربما تقد وعيك أو أن تصاب ذاكرتك بأذىً. إذاً يجب عليك القيام بسلسلة من الأشياء لتقليل المعاناة غير الضرورية قبل فوات الأوان، وبذلك ستتمكن من معالجة آلامك العاطفية بشكل دائم وببطء.
لكي تتمكن من تهدئة نفسك، عليك أن تنظر إلى نفسك وتجمع بعض البيانات عن نفسك. اكتب تجاربك في مكان ما في كل يوم يمر، حتى تساعد مسار العملية هذا. عندما تدوّن، ستتمكن من معرفة أن في أي ساعة من النهار ستشعر بالإغماء أو التعب. عندما تقوم بهذا الفعل، يمكنك أن تفهم بشكل أفضل ما الذي يساعدك أو من الذي يساعدك أو لا يساعدك. هنا يمكنك البدء في الاعتناء بنفسك.
هذه العملية لا علاقة لها على الإطلاق بكون الفعل صوابا أو خطأً، ولا علاقة له حتى بالإيمان أو الاستقرار العاطفي. إنه مجرد اختبار بسيط للمساعدة في تقليل العناء والمأساة، ليس إلا.
أولا، دعنا نرى كيف يؤثر الحزن على الذهن.
هل سبق لك أن فقدت شخصا ثم شعرت بالذنب تجاه وفاته؟ في هذه المواقف يتكرر مشهد وفاة ذلك الشخص باستمرار في ذهنك. هذا أمر طبيعي ويحدث عادة في حالات الوفاة المفاجئة أو غير الاعتيادية. دماغك تحت ضغط شديد، لأنه قد حدث شيء ما أخل بالروتين الطبيعي لحياتك ودماغك الآن يبحث عن وثائق ومستمسكات لينئك عن مدى اختلاف الوضع فيما لو لم يحدث هذا الحادث. هذه الأفكار المزعجة طبيعية تماما، لكنها ليست مفيدة. هذه الأفكار لا تسمح لك بأن تنعى كما ينبغي وتفرّغ نفسك.
في هذه الحالة يمكنك النعي والحداد بالكتابة أو الرسم وتعبر عن حزنك وأساك ذاك.
إن من شأن الحزن أن يجعلك تشكك حتى في حياتك الخاصة. في هذه المواقف قد تسأل نفسك ما فائدة العيش. بالطبع، هذا التفكير لا يمكنه حتما أن يدفعك إلى الانتحار، لأن هناك دائما فرقا كبيرا ومسافة شاسعة بين عدم الرغبة في الحياة والرغبة في الانتحار. لتقبل الأفكار غير السارة، اعتمد على الشخص الذي تثق به، ولا تدع هذه الأفكار تدور في رأسك. عليك أن تخرجها كي تتخلص منها حتى لا تكون مدعاة لإزعاجك وصداعك.
يمكن أن يؤدي الضغط الناتج عن الحزن أيضا إلى تغيير نطاق انتباهك وتركيزك. على سبيل المثال، قد تنسى أين وضعت مفاتيحك أو قد تنسى دفع الأقساط في الوقت المناسب. عندما تتصرف كشخص مصاب بالزهايمر، لا تَقسَ على نفسك ولا تقلق، بل حاول أن تضع في منزلك أشياء يمكن أن تذكرك بأمور مختلفة. إذا كنت تشعر بالتوتر، فقم بعد أنفاسك أو اقرأ كتابة لا علاقة لها بالموضوع على علبة السبش، افعل كل ما بوسعك لتهدئة ذهنك.
4
إن من شأن الحزن والأسى أن يعكرا صفو نومك، وقد تراودك بعض الكوابيس أو تأخذ قيلولة في ساعات غريبة؛ هذه هي الأخرى أيضا لا تمثل مشكلة، فعقلك يبذل قصارى جهده لإبقائك على قيد الحياة.
حان الوقت الآن للحديث عن الآثار الجسدية الناجمة عن الحزن.
حزن كل شخص هو تجربة فريدة من نوعها، فلا يمكن لشخصين أن يعانيا من التوتر الشديد بنفس الطريقة، إذ قد يشعر بعض الأشخاص أحيانا بالتعب الشديد، وقد يعاني آخرون من حرقة في المعدة أو من الصداع؛ أي أشياء ربما لم تكن موجودة من قبل. في بعض الأحيان، قد يرث الناس على الفور الآلام التي عاشها أحباؤهم قبل وفاتهم. ليس من المهم ما هي الأعراض الجسدية التي تظهر نفسها عند الحزن، لأنها طرق الجسم لمواجهة التوتر. لتجنب الإصابات الخطيرة، قم بالتسكع والتجول في المنزل أو مارس الرياضة حتى تتمكن من الاحتفاظ بما يكفي من الطاقة في جسمك.
خلال هذه الفترة، قد تنخفض شهيتك أو تزيد، فعندما تفقد شهيتك أو تزداد، في الحقيقة جسمك آخذ بإعطائك إشارة بأن تتناول كميات أقل أو أكثر، لأن جسمك بهذه الطريقة يحاول تقبل الحزن، ولا يمكنك فعل الكثير حيال ذلك، فقط حاول أن تأكل شيئا كلما استطعت وذلك حفاظا على طاقتك.
سوف يتحسن نظامك الغذائي مع مرور الوقت.
عندما تفعل كل شيء من أجل الاعتناء بعذهنك وجسدك، يمكنك حينئذ الاعتناء بألمك دون القلق بشأن المعاناة غير الضرورية.
لا يمكنك تجاوز الحزن، لكن يمكنك خلق معنى لحياتك بالرغم من الأحزان.
ليس مهما ما الذي يحدث، حيث سينتهي بك الأمر بقضاء الأيام أو الأسابيع أو الأشهر القليلة الأولى بعد الحزن، وهنا يحين الوقت كي تدخل في المرحلة التالية من الحزن.
يجب أن يدرك مجتمعنا أن مرور الوقت لا يمكنه دائما أن يشفي الحزن. في بعض الأحيان، قد تشعر أن الذكرى السنوية الثانية لوفاة من تحب أسوأ بكثير من الذكرى السنوية الأولى وقد تشعر بحزن أشد كلما مرت الأعوام على فقدك والديك المتوفين،إذا كنت تشعر بهذا فلا يتنابك القلق على الإطلاق، لأن الحقيقة هي أننا لا نبتعد عن الحزن أبدا، والحزن معنا دائما ونعيش معه.
الحزن عبارة عن شيء عندما يدخل حياتك، يبقى في حياتك إلى الأبد. كيفية تقبلك للحزن في حياتك أمر مهم للغاية لأنه يحدد كيف يمكنك مواصلة حياتك. هناك العديد من الطرق للقيام بذلك، كلها تبدأ بصورة التعافي والأحاديث الصادقة عن الحزن والأسى. ما هي بالضبط صورة التحسن؟
عندما تدخل في المرحلة التالية من الحزن، قد تشعر بمعاناة أقل مما كنت تشعر في الأيام أو الأسابيع الأولى، ومع ذلك، في هذه المرحلة، قد تدرك أنك لا تود أن تتحسن بعد ذلك، فتشعر بالدهشة جراء ذلك. في الأيام الأولى بعد الموت، تمر بأشد المشاعر، لكن لكي تتمكن من إحداث معنى في الحزن، أنت بحاجة إلى الأمل، ولأن الأمل ليس شيئا يمكنك رؤيته بشكل ملموس، يجب عليك أن تخلق صورة عنه لنفسك ومن ثم تحولها إلى مرساة لك فلا تدع الحزن يأخك إلى الغرق.
وكي تصنع صورة جيدة للتعافي والتحسن، حاول الإجابة عن هذه الأسئلة: كيف هو حزنك عندما تتخيل المستقبل؟ كيف هو شعورك حين تحمل عبء هذا الحزن على عاتقك؟ أيَّ جزء من الحزن تود أن تتجاوزه وتتركه خلفك وأي جزء منه تود الاحتفاظ به؟
لا تتعجل في الإجابة عن هذه الأسئلة وخذ وقتك. بعد الإجابة عن هذه الأسئلة، يمكنك أن تفهم كيف من المقرر والمفترض أن يتطور حزنك.
5
الآن دعنا نستكشف الجزء الأكثر صعوبة: الحوارات الصادقة حول الحزن
من الصعب للغاية التحدث عن الحزن مع الأصدقاء والعائلة، وإذا ما طلبت منهم مساعدتك في تقبل الحزن، فسيصبح الأمر أكثر صعوبة. عندما تتحدث معهم عن ذلك، ففي أحسن الأحوال لن تسمع منهم سوى هذيان أخرق أو سيتجاهلون ما تفعله وقد يتخذون موقفا دفاعيا.
مع ذلك، لا يسعك أن تستاء منهم، لأنهم بدورهم يحاولون مساعدتك، وهم فقط لا يحسنون طريقة المساعدة. الشيء الرئيسي هو أنك من خلال التحدث لا تصبح متشائما ذا نظرة سلبيا أو من دون إحساس، ولكي تتمكن من رفع عبء الحزن الثقيل الأولي عن كتفيك، يجب عليك أن تروي الحقيقة للآخرين تماما كما هي ولا تهتم على الإطلاق ما هو إحساسهم تجاه حديثك. يجب عليهم أن يعرفوا أنك تتحدث عن كونك حزينا وليس عنهم.
بعد القيام بذلك، كن مستعدا لتغيير قائمة الأشخاص الجيدين والمفيدين في حياتك. بعد إنهاء هذه الخطوات، سيكون بإمكانك فصل هؤلاء الأشخاص القلائل الذين يدعمونك حقا عن الذين لم يستطيعوا فعل أي شيء من أجلك. بهذه الطريقة، يمكنك التعرف على الذين يمكنك الاعتماد عليهم في يوم الضيق وتجاهل الذين يسببون لك معاناة لا ضرورة لها ولا طائل منها. تذكر دائما أنه لا يمكن هزيمة الحزن ولا يمكن إلا الاحتفاظ به في زاوية من الحياة.
من خلال الفهم الصحيح للحزن والاستعانة بالأشخاص الذين يمكنهم دعمك، يمكنك احترام طبيعة الحزن والأسى اللذين لا سبيل لتغييرها.
كلمة الكتاب الرئيسية
يريد ملخص كتاب “لا بأس إن لم تكن على ما يرام” أن يقول:
يجب عليك إعادة النظر في موضوع الحزن والأسى ودعم الآخرين لك في هذه الظروف، لأن هذا ضروري للغاية.
عندما نولي الأهمية لطبيعة الحزن والأسى الأساسية، يمكننا أن نتقبلهما كواقعين طبيعيين ودائمين فلا نحاول رؤيتهما بصفتهما مشكلتين قابلتين للحل لا يعاني منهما سوى عدد قليل من الناس.كي تتمكن من إدارة الحزن والأسى بأفضل ما يمكن، عليك أن تتقبل أن بإمكانك حتى في الحزن العثور على مسارات ذات معنىً.
نحن جميعا نستحق أن نحزن وأن نحظى بالدعم، لأننا في النهاية نحتاج إلى من يمكننا أن نبكي إلى جانبهم وهخ أيضا يبكون معنا دون أن يحكموا علينا. بهذه الطريقة يمكننا الاستمرار معا وهذا هو أمر الطبيعة.
المقترح بشأن ملخص الكتاب التالي
ملخص كتاب “الإنسان الباحث عن المعنى”
يعد هذا الكتاب وهو من تأليف الدكتور “فيكتور فرانكل” من أهم الأعمال لإيجاد المعنى في عالم مليء بالمعاناة والحزن. الدكتور فرانكل، وهو نفسه مع عائلته كانوا من ضحايا الهولوكوست، يبين لك في هذا الكتاب أن بإمكانك العثور على معنى الحياة من صميم الظلام الحالك مدَّ البصر دون نافذة ضياء.